نساء يعززن الاقتصاد بمشاريع صغيرة

70

رجاء الشجيري/

المرأة العراقية، عبر سلسلة طويلة من التحديات الاقتصادية، أثبتت ابتداءً من بيتها وأسرتها حسن إدارتها وتدبيرها المالي في التعامل مع متطلبات الأسرة والحياة، وهو أمر توارثته من الأمهات والجدات في إعانتهن الرجل.

مع التطور الحياتي ازدادت متطلبات الحياة وصعوباتها، ما جعل النساء يبدأن في الاعتماد على أنفسهن عبر مشاريع اقتصادية خاصة لإعانة أنفسهن وتحقيق أحلامهن المشروعة.
مجلة “الشبكة العراقية” اطلعت على بعض هذه المشاريع التي تحولت إلى قصص نجاح.
مهنة الجدات
اللافت للنظر أن (البيجات) وعالم (السوشيل ميديا)، كان لهما الدور الكبير في نجاح هذه التجارب، مثل مشروع (قصناع سارة) لبيع الحرف اليدوية، الذي تحدثت عنه مؤسسته رغد الشجيري قائلةً: “بدأت المشروع عام ٢٠٢٠، من خلال (بيج) على مواقع التواصل، وعرضت فيه صناعة (القصناع اليدوي)، وهو إطار خشبي دائري مكون من قطعتين يوضع القماش فيهما ويثبت، وتجري عملية الرسم عليه عن طريق التطريز، وهي ثقافة ومهنة توارثناها عن جداتنا.”
موضحةً أنها ما إن عرضت البضاعة ووضعت أسعارها عليها، حتى بدأ إقبال الناس عليها، ما أسهم في ازدياد المردود المادي للمشروع، الذي اختص بصناعة الحقائب والسلال والأكسسوارات والتطريز والحياكة والشمع.
مضيفةً: “بدأ (قصناع سارة) بـ (10) نساء، حتى وصل اليوم إلى (800) امرأة، مشتركات في (مجموعة على (التليغرام)، نقيم من خلاله (البازارات) والمهرجانات الخاصة بأعمالنا.
الرسم بالحناء
أما مشروع (روز للحنة)، فتحدثت صاحبته روز يوسف عن فكرته: “أعجبني العمل برسومات الحنة كمشروع رزق خاص بي، بعد مشاهدتي لبعض الصفحات و(البازارات) الخاصة بالرسوم، بدأت بعدها بالتدرب لمدة سنة تقريباً في البيت كي تكون الرسومات بحرفية وجمالية عاليتين.” مشيرةً إلى أن “هذه المهنة دقيقة وغير قابلة للخطأ، وإن الزبونة تحصل على طلبها الذي تتمناه كما تريد مباشرةً.” مبيّنةً أنها بدأت بشراء المادة الأصلية للحناء، بعد أن لاحظت وجود مواد مغشوشة في السوق تؤذي البشرة، مضيفةً: “وبدأت أنتقل من مول تجاري إلى آخر، آخرها كان (مول) بغداد، والعمل اليوم جيد والأرباح ترتفع تدريجياً.”
مبخرة السيراميك
في حين أوضحت مروة محمد أن مشروعها في السيراميك المجسم انطلق عام 2015، وكانت البداية باطلاعها على الأعمال الأجنبية للسيراميك في (اليوتيوب)، إذ لم تكن هناك دورات أو ورش كما موجودة الآن، مضيفةً: “المادة التي أعمل بها تسمى (سيراميك بارد) وهي مادة محلية الصنع، وهناك مادة أخرى تدعى (الصلصال الحراري)، لكنها غير متوفرة وصعبة الاستيراد، لذلك قمت بصناعة السيراميك البارد بنفسي من مواد النشا والغرا والزيوت التي تطبخ وتعجن، وهي عملية متعبة جداً كصناعة، قمت بعدها بنشر أعمالي عبر صفحتي الشخصية ليبدأ العمل وطلبات الشراء على منتجاتي.”
تضيف (مروة): “سابقاً كنتُ أعمل مجسمات الوجوه بأشكال وملامح بسيطة، ثم تحولت الوجوه عندي من الرسم إلى النحت، كما مزجت بين الرسم على الزجاج والسيراميك، ونموذج (المبخرة) كان ومازال الأكثر طلباً من ضمن أعمالي.”
فن (الكيك)
(صابرين للكيك)، اسم مشروع لصناعة المعجنات في (بيج) اشتهر من خلال اسم صاحبته، البالغة من العمر (41) عاماً، منعتها ظروفها الخاصة من إكمال دراستها، وهي ربة بيت متزوجة وأم لأربع بنات وولد، قالت لمجلة “الشبكة العراقية” عن مشروعها: “كنتُ دوماً أتفنن بصنع (الكيك) لأطفالي، وأتابع قنوات الطبخ مثل (فتافيت)، وفي عام 2014 بدأت مشروعي برأسمال قيمته (100) ألف دينار فقط، وكنت حينها متحمسة وخائفة في نفس الوقت، لكنني نجحت بصناعة (الكيك) وترويجه ثم بيعه للمحال التجارية، وكانت الأصداء رائعة.” مضيفةً: “رسالتي لكل امرأة ألا تخاف، بل إن عليها المضي بشجاعة وشغف نحو طموحها وحلمها، لأنها إن أرادت ستحقق كل ما تريد.”
زهور تمارا
قصة تمارا تشبه قصص العديد من الفتيات، اللواتي تخرجن في الجامعات ولم يجدن وظيفة أو عملاً، لكنها اختلفت بعد أن قررت عدم الركون لليأس وانتظار الفرصة، بل صناعتها، وبالأخص بعد زواجها وتأسيس عائلتها، إذ قررت افتتاح مشروعها الخاص ببيع الورد الطبيعي وتزيينه لتحسين حالتهم المعيشية، بدأت مشروعها ببيع مصوغاتها الذهبية لتأجير محل لتبيع فيه الزهور الطبيعية، وتمكنت من الاستمرار فيه حتى اللحظة بعد نجاحه وتحقيق مكاسب مادية جيدة منه.
(بومة) و(بعد)
فاطمة ولاء حسين، فتاة ذكية وموهوبة، لديها شغف بالتصميم والتنسيق والديكورات، بدأت مشروعها (بومة)، بعد تخرجها في السادس الإعدادي بمبلغ مليون دينار، اختص مشروعها التجاري بتجهز أعياد الميلاد والأعراس والمناسبات، لتدخل بعدها كلية الفنون التطبيقية، قسم التصميم الداخلي، من أجل دراسة أكاديمية في تخصصها، لتفتتح بعده مشروع آخر باسم (بعد)، وهو مشروع خصصته للتصاميم الداخلية ورسم خرائط ومخططات البيوت والشركات والمحال التجارية والمعارض والفنادق والمطاعم والمستشفيات.
تقول فاطمة: “أصمم الديكورات بحسب المبلغ الذي يرصده الزبون، وقد تطور عملي كثيراً، والرزق وفير، كما بدأت بإعطاء محاضرات في التصاميم الداخلية والديكورات.”
في حين تحدثت أم ليث، وهي سيدة وأم لطالبين في الدراستين الإعدادية والمتوسطة، خصصت جزءاً من بيتها لافتتاح مشروعها الخاص ببيع وشراء الأثاث المستعمل، بمساعدة أبنائها، مهنة درت عليها مبالغ مالية جيدة، أسهمت في إعانتها اقتصادياً لمساعدة نفسها وولديها في إكمال حياتهما الدراسية.
ريادة الأعمال
الكثير من الشابات والطالبات والنساء تحدثن عن الفرص التدريبية في ريادة الأعمال، وتسويق مشاريعهن التي كانت تقيمها دائرة الرعاية العلمية التابعة لوزارة الشباب والرياضة، وهي ورش مجانية للشباب من كلا الجنسين في مختلف الاختصاصات، إلا أننا ركزنا على النساء والفتيات تحديداً ضمن موضوعنا ليتحدثن لمجلة “الشبكة العراقية”، منهن لمى مثنى العبيدي التي تعمل في دائرة الرعاية العلمية، التي تحدثت عن هذه الورش ومدى استفادة النساء منها في التثقيف المالي وريادة الأعمال وورش المهارات الحياتية، (العبيدي) قالت: “إضافة إلى هذه الورش المختلفة لدعم الشباب، كان لهذه الدائرة معرض للوظائف بالتعاون مع منظمة (GIZ) الألمانية، والشركات المسجلة مثل آسيا سيل وزين أيرثنك.”
كما تطرقت في حديثها إلى معرض الابتكارات، وهو لفئة الطلبة بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم، إذ دعم هذا المعرض الكثير من الطالبات حتى عمر الـ (30) عاماً، ممن لديهن ابتكارات وقدم لهن الدعم في مشاريعهن.