أربيل / خالد إبراهيم
إنه ساعي البريد الأول عبر التاريخ، طائر يتميز بذكائه الفطري وقدرته الفريدة على تحديد المواقع، والعودة إلى موطنه من مسافات بعيدة جداً. الحمام الزاجل، الذي أصبحت تربيته هواية ممتعة، ومجالًا تنافسيًا للترفيه يجذب العديد من الهواة والمربين حول العالم.
في هذا الاستطلاع نستعرض أساسيات تربيته، من العناية والتغذية إلى التجهيز للمسابقات، عبر لقاءات مع بعض المربين والهواة.
جمعيات وسباقات
عبد الله خضر، يترأس إحدى الجمعيات المختصة بالحمام الزاجل في أربيل، تحدث لـ “الشبكة العراقية”، عن هذه الهواية قائلًا: “جمعيتنا موثقة ومسجلة رسميًا من قبل محافظة أربيل، تضم لجنة إدارية مكونة من خمسة عشر شخصًا، تُجرى انتخابات داخل الجمعية، وتُعقد اجتماعات دورية لمناقشة وتنظيم المسابقات. ولدينا عشرة أندية و110 متسابقين، إضافةً إلى ناديين تابعين لمحافظة دهوك، وهما ناديا بردرش، وخبات، كما ننظم سباقًا وطنيًا داخل العراق، حيث تتراوح المسافات من 120 إلى 800 كيلومتر، وتُحتسب النتائج من قبل حكام مختصين.”
رعاية خاصة
خضر أوضح أن المسابقات تُجرى باستخدام جهاز بلجيكي يُسمى (برايكون)، وهو نظام متطور لحساب توقيت وصول الطيور بدقة، كما يُستخدم جهاز GPS لتحديد المواقع، إذ يجري تسجيل بصمة الحمام في جهاز خاص يُعرف بـ (الماستر)، ثم يُدخل المتسابق بياناته، وعند انطلاق الحمام، يُسجل وقت البداية والموقع في الحاسوب، بفضل هذا النظام، ويكون استخراج النتائج بدقة كبيرة، وتُحدد الحمامات الأفضل أداءً، التي قد تصل أسعارها إلى عشرة آلاف دولار.
يشير خضر في حديثه إلى أن حمام الزاجل يحتاج إلى عناية خاصة، لذا توفر الجمعية مختبرات بيطرية ومكملات غذائية مستوردة من بلجيكا وألمانيا، تُستخدم أثناء التربية والسباقات، كما تتوفر أعلاف مخصصة لضمان صحة الحمام وأدائه الجيد، إضافة إلى ذلك، هناك لجان مختصة بتوفير اللقاحات، مثل لقاح الجدري ولقاح النيوكاسل، لحماية الطيور من الأمراض الشائعة.
أسعار خيالية
من جانبه، تحدث فاضل فخر الدين، أحد أقدم هواة تربية الحمام الزاجل عن أسعاره وميزاته إذ يقول: “أمارس هذه الهواية منذ عام 1977، حين بدأت بتربية طائر يُعرف بـ (الطير الأزرق)، قبل أن أتحول إلى تربية الزاجل.” موضحاً أن لهذا الطائر عالمه الخاص، فهو مشهور عالميًا ومحبوب، لوفائه الشديد أثناء الحروب، مشيرًا إلى لعبه دورًا مهمًا فيها، حين ساعد في إنقاذ الكثير من الجنود خلال الحرب العالمية الثانية، كما استخدمه القائد صلاح الدين الأيوبي في نقل الرسائل العسكرية، وأن تكريمه مستمر حتى اليوم، بنصب تذكارية، مثل تمثال حمام الزاجل المجروح في ألمانيا.
أما عن أسعار الحمام، فيؤكد فخر الدين أن بعض الطيور تباع بأسعار خيالية، إذ وصل سعر حمامة تدعى (أرماندو) إلى مليون وأربعمائة ألف دولار، بينما تتراوح الأسعار داخل العراق لتصل حتى 20 ألف دولار.
أشهر السلالات
أما سيف حداد، أحد مربي الزاجل منذ التسعينيات، فيتحدث عن أساليب تدريب الحمام، موضحًا أن تدريب الحمام يبدأ من عمر الشهرين، إذ يجري إطلاقه أولًا لمسافة 500 متر، ثم 1 كيلومتر، ثم 2 كيلومتر، حتى يصل إلى مسافات طوال، أما عن أشهر سلالات الزاجل فقال: «البلجيكية والهولندية والألمانية.” عاداً السلالة البلجيكية الأقوى.
يضيف حداد أن “المسابقات تُنظم بدقة متناهية وأجهزة متطورة، على عكس الأساليب القديمة التي كانت تعتمد على الأرقام السرية المثبتة في قدم الحمامة، كما تُجرى سباقات بين أربيل وكركوك، بمشاركة أندية من مدن مختلفة مثل جمجمال والسليمانية وكركوك.”
تبقى تربية الحمام الزاجل هواية مميزة تجمع بين الشغف والتحدي، إذ تتطلب الصبر والخبرة لضمان تحقيق أفضل النتائج، ومع تطور التقنيات وارتفاع مستوى المسابقات، أصبحت هذه الهواية أكثر احترافية، ما جعلها تحظى بشعبية متزايدة بين المربين في العراق والعالم.