رجاء الشجيري
الذين يحملون الفضة في شعرهم، وقلوباً ذهبية بين أضلعهم، وأذرعاً سحريةً ملؤها الحنان، هم الجدّات والأجداد، الذين عاشوا في زمن يختلف كلياً عن زمن أحفادهم، وهنا نسأل: كيف يتواصلون فيما بينهم؟ وكيف يتعامل الأحفاد مع أفكارهم وسط هذا التقدم المتسارع في عالمي التكنلوجيا والإنترنت؟ وما أمنيات الأجداد لهم؟
مجلة “الشبكة العراقية” استطلعت آراء جدات وأجداد، بمختلف مجالاتهم للتعرف على لغة التواصل مع الأحفاد، ومدى المشاركة في تربيتهم ما بين الماضي والحاضر.
بيئة مختلفة
قارئ المقام طه غريب، تحدث عن اختلاف الزمن والتعامل مع أحفاده قائلاً: “في العصر الحالي أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياة الجميع، ومن ضمنهم الأحفاد، فالهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية أصبحت تشكل تحدياً كبيراً أمام تواصلنا وتعاملنا معهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعليم والتوجيه، فهم نشأوا في بيئة مغايرة تماماً عما كان الحال عليه في الماضي، زمانهم ليس كزماننا أو زمان آبائهم.” موضحاً أن الهواتف والأجهزة جعلتهم في عزلة وفجوة عن ذويهم، وأصبح لزاماً علينا -كأجداد- تعلم هذه التقنيات لمجاراتهم أو لمساعدتهم، عبرها، في دراستهم.
تأثير الشاشات
التربوية المتقاعدة نجلة الجبوري تحدثت أيضاً عن أحفادها وزمانهم، علاقتها بهم، انطلاقاً من مسيرتها في التربية والتعليم، واختلاف طرق تربيتهم والتعامل معهم، تقول: “سابقاً كان التواصل مع الأحفاد أسهل، مثلاً، أكبر أحفادي (يوسف)، كنت أنجح بالتواصل معه من خلال الحكايات والقصص، والرسم، واكتشاف أفكاره ومواهبه، أما الآن فأجد صعوبة مع أحفادي الآخرين، إذ أجد أن اهتمامهم منصب على أجهزة الموبايل، أو الألعاب التي لا تفارقهم أبداً، لا يختلطون مع أحد، ولا يستجيبون إلا لها، تصوري أن أحد أحفادي لا يفارق شاشة التلفاز والألعاب، لدرجة أنه لا يأتي إلى الغداء مع العائلة، بل يقدمون الأكل له وهو يلعب أمام الشاشة!”
وهنا تتسائل (الجبوري): “أين وقت التواصل معهم، وغرز التعاليم والتربية فيهم؟”
سلطة الأحفاد
الشاعر والصحفي جعفر درويش، تحدث عن الخوف على الأحفاد، وشدة التعلق بهم، وتلبية كل طلباتهم، مع توفير الحماية لهم من الأبوين، إذ قال: “لا يشغل الأجداد سوى أمنيات دائمة، أن يعيش أحفادهم في سعادات وبهجة دائمة، أمنيات مصحوبة بقلق مبالغ فيه، وأحياناً غير مبرر يخص سلامتهم وتلبية رغباتهم مهما كانت، ما يشكل مساحة كبيرة وطاغية ومفروضة على جميع أفراد الأسرة.” موضحاً أنه لا يسمح بالتجاوز على سلطة الأحفاد، إذ يرى فيهم إشراقة لسنينه وأحلامه التي لم يستطع الإمساك بها.
فيما قالت الفنانة أحلام عرب: “مثلما استفدنا في مسيرتنا من خطى الأجداد، ومثلما كانوا لنا قدوةً بقيمهم ومثلهم، أتمنى لحفيدي أن يستفيد ممن سبقوه ويضيف ماتجود به تربيته وتعليمه ليفيد المجتمع.” مشيرةً إلى أن الصراع التكنولوجي والصخب الرقمي، هي مفردات عصرهم الجديد، ولغتهم الجديدة، ولكل عصر مفرداته ولغته.
راية موسيقية
في حين تحدث قائد الفرقة السيمفونية، المايسترو علي خصاف، عن أسرته وأحفاده وتأثير الموسيقى في حياتهم: “مررنا بتجارب في عصر مختلف تماماً عن زمن أحفادنا، موسيقياً نحن (آل خصاف)، كان للمدرسة العسكرية الموسيقية فضل علينا، بدأت من الأخ الأكبر (حجي مهدي خصاف)، وصولاً إلى جعفر، ثم إلى أبنائنا وأحفادنا، في الماضي لم يتوفر لنا هذا التطور الهائل بالتكنلوجيا، إذ كنا نكتب القطعة الموسيقية ونعتمد على ذاكرتنا في حفظها، بينما اليوم يتوفر لأحفادنا الكثير من الطرق في صقل موهبتهم، إلا أنهم أقل اهتماماً ومسؤوليةً.” متمنياً أن يكون أحفاده وطلبته أمناء على الراية الموسيقية والفنية والأخلاقية، التي سلموها لهم، لأنهم امتداد لتأريخهم الموسيقي.