فاطمة.. فرصة للفشل!

1٬020

نرمين المفتي/

ما كانت جريمة حلبجة لتكشف وتكون قضية انسانية لولا عشرات الصور التي التقطها المصور التركي رمضان اوزتورك للضحايا وبينها صورة ذلك الأب الذي احتضن طفلته واستشهدا معا، هذه الصورة التي اصبحت ايقونة حلبجة العالمية وحشدت الرأي العام العالمي مع قضيتها. اقارن تلك الصورة الموجعة مع صورة الطفلة ( فاطمة سمير- 36 شهر) التي استشهدت بالقصف الكيمياوي الذي استهدف ناحية تازة خورماتو في الثامن من آذار. (سأضع صورتها مع مقالي بدلا من صورتي في هذا العدد)، تمعنوا بالصورة، وجه مبتسم برغم حروق الغاز السام، وكأنها ابتكرت لعبة من أنابيب الدواء والمغذي في ذراعيها ، ابتسامة بوسع غد لن تراه، من غير طفلة لم تعرف الحرب والغدر والموت والقصف الكيمياوي، تبتسم وهي تحتضر. صورة موجعة كانت ستصبح ايقونة، ليس للتركمان الذين اصبحوا أول المدنيين العراقيين الذين استهدفهم الظلاميون كيمياويا انما للعراق كله.. كانت ستصبح ايقونة تجذب الرأي العالم العالمي الى ما يرتكب ضد المدنيين في العراق من جرائم ضد الانسانية ودائما بين الضحايا أطفال ونساء. والمعروف ان لا شيء يجذب الرأي العام العالمي- الغربي خاصة مثل صورة طفل يقضي غدرا فضلا عن مثل حلبجة، هناك مثل قريب وهو صورة الطفل ايلان السوري الذي احدث نشرها وهو غريق على شواطئ بحر ايجة حملات عالمية لاغاثة اللاجئين غير الشرعيين والهاربين من الموت غرقا. والمعروف ايضا ان السياسة الغربية خاصة لا تسمح بوصول الحقائق كلها الى الرأي العام ومنها صور الأطفال القتلى.
لابد ان نعترف ان السياسة العراقية الخارجية فشلت بـ (جدارة) في استخدام صورة الطفلة فاطمة عالميا كما فشلت المنظمات المدنية العراقية، شعر التركمان ان عدم الاهتمام بها كان بسبب تركمانيتها، والحقيقة انه فشل رسمي ومدني وشعبي. بل هناك من لا يعرف جغرافية العراق، ونقل احد الصحفيين حادث قصف الناحية بقوله “ قصف ناحيتي تازة وخورماتو “ وصرح مسؤول كبير قائلا “ ناحية طوز خورماتو “، علما ان طوز خورناتو قضاء يتبع محافظة صلاح الدين.. ويوم قصف تازة، كان قضاء طوز هادئا، لذلك لم يكن هناك اهتمام حقيقي بالفاجعة في اليوم الأول. لا أعرف لماذا توقعت ان وزارة الاتصالات ستصدر مجموعة طوابع تحمل صورة فاطمة وابتسامتها؟ كاسرع رسالة الى العالم.. قطعا لو فكرنا قليلا سنجد صورا لأطفال عراقيين تعرضوا الى جرائم ضد البشرية لنستخدمها للبدء بحملة دولية لايضاح الوضع الانساني في العراق.. ولكن .. كم اتمنى ان تسقط هذه الـ (لكن) مما نكتبه أو نفكر به والتي تؤكد فشلنا دائما..