هند الصفار /
رغم امتلاكه الجنسية البريطانية وزوجته أجنبية، إلا أنه اختار لأبنائه أسماء عربية. وأهم ما في الأمر أنه سمى بناته بأسماء مركبة، فحين ولدت زوجته ابنتهما الأولى أرادت الأم تسميتها (آن)، لكنه اختار اسم (سميرة)، وحيث أن القانون البريطاني يسمح بالأسماء المركبة فقد سماها (سميرة آن)، وكذلك الحال مع ابنته الصغرى، إذ أرادت الأم تسميتها (سارة)، لكنه اسماها (هناء) فسميت (هناء سارة) أما بقية أولاده فأسماؤهم عربية مفردة.
يقول المهندس أبو علي: “بناتي الآن أكملن الجامعة وتزوجن ويعملن في انكلترا.”
أما قصة (أم جود) من الرمادي في تسمية ولدها بـ (موسى الكاظم) فترويها لنا: كنت حاملاً في الشهر الثالث حين حدث لي نزيف، ونشرت في كروب نسائي ملتمسة الدعاء فأجابتني إحدى الأخوات بأنها في حضرة الإمام موسى الكاظم (ع) وقد دعت الله قرب الشباك المطهر فقلت لها “عهد علي أن آتي لزيارته إن تم حملي بسلام.”
واثناء فترة الحمل رأيت في منامي أني كنت أمشي حين استوقفني رجل وأعطاني كتاباً كبيراً فيه اسماء، وقلبتها فتوقفت عند صفحة مرسوم فيها طفل ذو جناحين ومكتوب تحتها “أنه الرضيع موسى الكاظم فلا تخافي.” واتممت حملي بإذن الله الى الشهر التاسع حين انفجر ماء الراس ودخلت غرفة العمليات وولدت في نفس يوم وفاة الإمام موسى الكاظم (ع) فسميت ابني على اسمه، وها أنا اليوم أسال عن الطريق كي أفي نذري بزيارته مع رضيعي.
الأسماء المركبة
تقول أم محمد أن زوجها (رحمه الله) كان يحب الاسماء المركبة المشتقة من أسماء أهل البيت (عليهم السلام) فسمى أولاده (محمد جعفر) و(محمد حسن) و(محمد علي) و(ألق المنتظر)، والأخير اسم قد لا تجد له مثيلاً في سجلات الأحوال المدنية العراقية، اختاره له والده لأمرين -كما يقول-: “الأول هو حبي للأسماء الغريبة ذات المعنى العميق، والثاني أني أردت اسماً يرتبط بالإمام الحجة (عج) لا يكون مألوفاً فاخترت هذا الاسم.”
ويبين أبو محمد: “في زمن النظام السابق كانت هناك رقابة على الأسماء، ولاسيما الأسماء المركبة التي ترتبط بأسماء ودلالات مذهبية. لكن هذا لا يعني أنه لم تكن هناك أسماء تمر برغم أعين الرقابة بلا حساب. فيما قالت الدكتورة آمال محمد: “أحببت أن أسمي ابنتي الكبرى فاطمة الزهراء رغم تخوف العائلة لأنه من الأسماء التي تثير علامات استفهام لدى رقابة السلطة آنذاك، لكن الحمد لله هي الآن شابة متميزة.”
في لقاء سابق مع الدكتور محمد حسين آل ياسين نبهني في نهاية الحديث مؤكداً: “أرجو الانتباه الى أن اسمي مركب وهو محمد حسين.” وأردف قائلاً: “هناك من يختلط عليه الأمر فيظن ان اسمي محمد ووالدي حسين فأضطر الى أن اصحح لهم الأمر.”
عربي تركماني
أسماء مركبة كثيرة بعضها شائع وآخر نادر.. (بياز ملك) تركمانية تقول: اسم ابني (محمد جان)، وهو حل منصف لأني أردت (أوزجان) ووالده أراد اسم محمد، فاصبح (محمد جان) وجان معناه (روح). ويبدو أن التركمان يحبون مثل هذه الأسماء. تقول مها الجبوري: “جدي أصله تركماني اسمه مركب (أحمد حمدي) ودائماً ما يكتبون أحمد فقط، فأضطر لشرح الأمر، ولدينا أيضاً أسماء منها نور الزهراء، محمد جواد، قطر الندى، محمد الصادق.”
وتقول عطر الورود(كما تسمي نفسها) إن جدها اسمه (محمد صالح) وأبوه (مال الله)، ووالدي (عبد الباسط)، وقد كنت أعاني من طول اسمي الثلاثي والرباعي في المعاملات الرسمية. ميرال اسماعيل تقول إن لديهم اسمي (فاطمة كول) و(محمد الفاتح) وهما حفيداها. أما (وهج الزهراء) فتقول: لا أعلم لماذا اختار أهلي هذا الاسم لي. لكن هيام تؤكد أن عائلتها تحب الأسماء المركبة، فلديهم (محمد فاتح)، (سارة خاتون)، (محمد أمين). ومن الأسماء الغريبة أيضاً اسم (سر الشذى). كما أن نورا تقول إن اسم ابنها (سيف الإسلام) وابنة عمه اسمها (نور الإسلام). وسبب التسمية يعود أيضاً الى دمج اختيارات العائلة باسم واحد منعاً للمشاكل.
وعودة الى التركمان، إذ تقول سارة إن جدها اسمه أحمد حمدي وهو اسم مركب. وبين أسماء سميت تيمناً بأهل البيت كزينب الحوراء ونور الزهراء وفاطمة المعصومة وأسماء أئمة الهدى. وبين أسماء لشخصيات بارزة تناقلت رغبات الأهل في تسمية أبنائهم، اضافة الى الأسماء التي تلحق بالدين مثل (عز الدين، بها ء الدين، نور الدين، عميد الدين، تاج الدين) وغيرها، الى أسماء دلالة لكرامات أهل البيت مثل (جود العباس وعلي الدر ونور الحسين وزين العابدين) أو كناهم مثل (أبو الحسن وأبو الفضل).
وتقول زهرة السوسن إن صديقتها كانت تعاني لأن والدها اسمه أحمد زكي وجدها محمد جواد، وهي أسماء غير متداولة كثيراً او معروفة كأسماء مركبة بشكل واضح. وهناك أسماء يضاف لها لفظ الجلالة. مثل (يد الله، أسد الله، نصر الله، روح الله) وغيرها وهي أيضا مستمرة في التداول وفي تسمية المواليد لأجيال عدة. أما اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد دخل إضافة الى ألقاب اهل البيت لتضاف اليه اسماء اخرى مثل (محمد نور، محمد مصطفى، او المصطفى). وهذا ماتابعناه ونحن نبحث عن الأسماء المركبة التي بدأت تزداد في سجلات تسجيل الولادات.
وبما أن غالبية هذه الأسماء تتبع الرموز الدينية، فقد أجابت العلوية أم علي صفائي، أستاذة الحوزة العلمية النسوية عن سؤال حول الحكم الشرعي للتسمية الحرفية لأسماء أهل البيت والأنبياء، ولاسيما تلك التي تكون مطابقة مثل (موسى الكاظم) وغيرها.. إذ قالت: “بداية فإن تسمية الأبناء بأسماء الأنبياء والمعصومين بحد ذاته هو أمر مستحب، بل وفيه روايات عن ذلك الاستحباب لما تحمله من مزايا جميلة وتشبه بالأكارم، إذ روي عن أهل البيت الحديث (خير الأسماء ماعبّد وحمّد). وهذا الأمر يندرج أيضاً في تسميتهم بأسماء أهل البيت. مع كراهية التسمية بأسماء أعداء الإسلام وأعداء أهل البيت. أما مسألة التسمية المتطابقة بالألف واللام المركبة، فهي على أكثر آراء العلماء أنه يجوز ذلك، لكن الأفضل تركها، وهناك قسم قليل من العلماء يقولون أن فيها كراهية، والكراهية بمعنى أن ثوابها أقل، أي ليست حراماً ولا تتحمل العقاب. وفي النهاية يكون الحكم أنه يجوز التسمية بها ولكن من الأفضل تركها.”