ترجمة وإعداد: آلاء فائق/
عندما ينظر الناس لحجم أزمة المناخ ونداءات باحثي المناخ الملحّة، يمكن أن يبدو الحل في بعض الأحيان بسيطاً بشكل مخادع، لكن لماذا لا نتوقف ببساطة عن إنبعاث ثاني أكسيد الكربون وحرق الوقود الأحفوري بالكامل، ونتحول فوراً لمصادر الطاقة المتجددة والكهرباء؟
العديد من العمليات الصناعية والأنشطة الكثيفة الكربون ليس من السهل تزويدها بالكهرباء. فهي إما أن تتطلب مستويات عالية من الحرارة، كما هو الحال في صناعة الحديد والصلب والزجاج، أو إن تكنولوجيا البطاريات الحالية لا تحتوي على كثافة طاقة كافية للنقل لمسافات طويلة، كالشحن أو السفر الجوي.
لكن الحاجة للإجابة أصبحت ملحّة بشكل متزايد حسب طلب دول العالم، لا سيما أوروبا التي تسعى لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لمكافحة التغير المناخي وتحسين أمن الطاقة.
الوقود المستقبلي
أحد المجالات الرئيسة للابتكار التي يمكن أن تحلّ هذه المشكلة، تتمثل بما يسمى بـ “الوقود المستقبلي” وهو مجموعة لأنواع وقود محايدة للكربون، يمكن استخدامها بدلاً من الوقود الأحفوري لإزالة الكربون من القطاعات والعمليات الصناعية المختلفة. تشمل الأمثلة الوقود الحيوي المصنوع من الكتلة الحيوية. لكن الوقود المستقبلي ذا الإمكانات الأكبر هو الهيدروجين الأزرق والأخضر مع أنواع الوقود الأخرى القائمة على الهيدروجين كالميثان الصناعي، الأمونيا والميثانول.
الهيدروجين ومكافحة التغيّر المناخي
الهيدروجين هو غاز طبيعي وهو أيضاً العنصر الأكثر وفرة في الكون، لديه إمكانات هائلة كبديل صديق للبيئة للوقود الأحفوري لأنه ينبعث منه الماء فقط عند حرقه. الهيدروجين أيضاً أكثر كفاءة: كمية الطاقة التي ينتجها الهيدروجين لكل وحدة وزن من الوقود هي ثلاثة أضعاف تلك التي ينتجها نفس وزن البنزين ونحو سبعة أضعاف تلك التي ينتجها الفحم.
يتمتع الهيدروجين بالمرونة كذلك، ويمكن تخزينه وتسييله ونقله إلى حيث هو مطلوب عبر خطوط الأنابيب والشاحنات والسفن. يمكن أن يحل مشكلة نقل الطاقة للطاقة المتجددة واستخدامه بخلايا الوقود لإنتاج الكهرباء لتوليد الطاقة والنقل والتدفئة المنزلية. في المستقبل، يمكن أيضاً استخدام الهيدروجين النظيف لإزالة الكربون من الصناعات الثقيلة.
لكن، كي يحل الهيدروجين محل الوقود الأحفوري بالكامل، فإنه يتطلب من العالم إنتاج كميات هائلة منه. وعلى الرغم من أن حرق الهيدروجين لا ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون، فإن بعض العمليات المستخدمة لإنتاج الهيدروجين في المقام الأول تولّد انبعاثات ضارة. لهذا السبب، غالباً ما يُشار إلى الهيدروجين الآن بالرمادي أو الأزرق أو الأخضر اعتماداً على كمية ثاني أكسيد الكربون التي يتم طرحها أثناء إنتاجه.
استخدامات الهيدروجين الرئيسة
بشكل عام، يمكن استخدام الهيدروجين كوقود بطريقتين رئيستين؛ يمكن حرقه لتوليد الحرارة، أو يمكن تغذيته في خلية وقود الهيدروجين لتوليد الكهرباء. النبأ السار هو أنه بمجرد إنتاج الهيدروجين الأزرق أو الأخضر بطريقة ما، سوف لا تنتج انبعاثات ضارة من ثاني أكسيد الكربون، فهو وقود مرن للغاية مع مجموعة متنوعة من التطبيقات المختلفة:
• النقل: يستخدم الهيدروجين بالفعل كوقود للحافلات وأشكال أخرى من وسائل النقل العام، لا سيما في اليابان، يمكن استخدامه أيضاً لتشغيل شاحنات الشحن والقطارات، بينما يمكن استخدام الوقود القائم على الهيدروجين كالأمونيا في الطيران والشحن. سيعتمد الاستخدام الأكثر انتشاراً للهيدروجين في تشغيل المركبات على سعر خلايا وقود الهيدروجين التي ستصبح أرخص وأن تصبح محطات التزود بالوقود بالهيدروجين أكثر شيوعاً.
• توليد الطاقة: يعدّ الهيدروجين أحد الخيارات الرائدة لتحويل مصادر الطاقة المتجددة إلى وقود يمكن تخزينه ونقله لمسافات طويلة. يمكن أيضاً استخدام الهيدروجين والأمونيا في توربينات الغاز ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم لتقليل انبعاثاتها.
• تدفئة المباني: يمتلك الهيدروجين إمكانات هائلة ليحل محل الغاز الطبيعي كطريقة لتدفئة المباني المنزلية والتجارية عبر البنية التحتية القائمة للغاز الطبيعي. تتطلب غلايات الهيدروجين وخلايا وقود الهيدروجين المحلية مزيداً من التطوير ولكن يمكن أن تلعب دوراً مهماً في المستقبل.
• الصناعة: يستخدم الهيدروجين حالياً في مجموعة واسعة من العمليات الصناعية الهامة. وتشمل هذه تكرير البترول، تصنيع الصلب، معالجة المعادن وإنتاج مجموعة من المواد الكيميائية المفيدة.
من الواضح أن الهيدروجين ذو قيمة عالية ومتعدد الاستخدامات ويتزايد الطلب عليه. مع ذلك، تجدر الإشارة أيضا إلى أنه وفقاً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، لا يزال نحو 95 بالمئة من الهيدروجين في العالم يأتي من الوقود الأحفوري.
هل يمكن التحول بسرعة إلى وقود الهيدروجين؟
يمثل تحويل الاعتماد على النفط والغاز تحدياً، لا سيما بالنسبة للدول الأوروبية. كشفت المفوضية الأوروبية النقاب عن مقترحات في مارس 2022 لمضاعفة أهداف 2030 الحالية للهيدروجين الأخضر بأربعة أضعاف بحلول عام 2030 في الاتحاد الأوروبي. سيوفر برنامج الهيدروجين المسرّع 15 مليون طن إضافي من الهيدروجين المتجدد بحلول العام 2030، ناهيك عن 10 ملايين طن مستوردة و5 ملايين طن تنتج في أوروبا (بالإضافة إلى 5 ملايين طن مخطّط لها بالفعل).
عن موقع/زيورخ