بغداد / علي غني
كانت التلميذة (شيماء)، التي تركت المدرسة، تحلم بالعودة إليها، لكنها لم تجد من يساعدها، توسلت بمعارفها من الأقارب والأصدقاء، لكن من دون جدوى. ومثل (شيماء) وغيرها من الحالات الإنسانية الكثير، الذين أدت الظروف الصعبة أو القاهرة إلى إبعادهم عن المدرسة.
وزارة التربية هيأت مؤخراً فرصة تاريخية لعودة التلاميذ والطلبة إلى مدارسهم عن طريق (حملة العودة إلى التعليم)، وجعلها ميدانية، بقيادة وزير التربية الدكتور إبراهيم نامس الجبوري. فما الجديد في هذه الحملة؟ وكيف سيعود التلاميذ والطلبة إلى مدارسهم؟ وأين سيكون دوام الملتحقين بالحملة؟ وماذا عن سنين الترك الدراسي؟ ومن يتحمل تكاليف العودة إلى الدراسة؟ وماذا تشير الإحصاءات عن التسرب؟
التخطيط واليونيسيف
ليس هناك أصدق من الإحصائيات، إذ تشير البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط، أو منظمة اليونسيف، إلى وجود تسرب حقيقي للتلاميذ والطلبة من الذكور والإناث. فمنظمة اليونيسيف تشير في إحصائياتها خلال العامين 2020 و2021 إلى أن هناك نحو 3 ملايين طفل عراقي في سن الدراسة خارج المدرسة. أما وزارة التخطيط، فكان لمعاون مدير إعلام هيأة الإحصاء ونظم المعلومات في وزارة التخطيط، الأستاذ حسام الأمير، الدور الكبير في تزويدنا بالإحصاءات، فبالنسبة لأعداد التلاميذ التاركين في المدارس الابتدائية (الحكومية، الأهلية، الدينية) فقد بلغ (200703) تلميذ و تلميذة في العام الدراسي ( 2022/ 2023)، نسبة الإناث منهم (48.7 %)، إذ يشكل التلاميذ التاركين في المدارس الحكومية نسبة قدرها (% 99.0)، في حين لم تتجاوز نسبة التاركين في المدارس الأهلية (1%). وقد انخفض عديد التلاميذ التاركين في المدارس (الحكومية، الأهلية، الدينية) مقارنة مع العام السابق بنسبة قدرها (% 1.6) إذ كان عديدهم (203921) تلميذاً وتلميذة، كما شهدت السنوات (2018 /2019 – 2022/ 2023) زيادة في عدد التلاميذ التاركين بنسبة (% 9.4).
والحق يقال، فإن الإحصاءات، برغم اختلاف توقيتاتها الزمنية، تدل على وجود تسرب حقيقي، وليس مجرد ادعاءات، وأعتقد أن الحكومة تريد أن تضع المعالجات، لذلك تداركت وزارة التربية، ولو بنحو متأخر، معالجة هذا الموضوع التربوي، فبدأت هذه السنة بحملة العودة إلى مقاعد الدراسة في عموم محافظات البلاد.
مستقبل أفضل
بدأت حملة العودة إلى الدراسة، التي تقودها وزارة التربية بالتعاون مع منظمة اليونسيف، بدورات تدريبية في عموم المديريات العامة للتربية، بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف لأعضاء وقادة التدريب لتحسين قدراتهم على كيفية استقطاب المتسربين وضرورة إعادتهم إلى مقاعد الدراسة، على أن يكون العمل ميدانياً، حيث تجوب الفرق الميدانية كل محافظة من أجل التواصل مع الأسر والمجتمعات المحلية لتقديم المعلومات اللازمة.
يقول المدير العام لتربية كركوك (منصور مذري) إن “حملة العودة إلى التعليم تأتي في إطار التزام الحكومة والمجتمع الدولي بتحسين مستوى التعليم في العراق بغية تحقيق مستقبل أفضل للأطفال المتسربين، وتعكس الأمل في بناء مجتمع يتسم بالتعليم والمعرفة.”
لقاء ميداني
وبما أن الحملة ميدانية، فضلنا اللقاء مع أعضائها في الميدان، فكانت معنا المشرفة (داليا عبد الجبار فنجان) / تربية الكرخ الثانية، وهي من الأعضاء الناشطين في تتبع المتسربين، التي قالت إن “هذا البرنامج الغاية منه إرجاع المتسربين والتاركين الدراسة إلى مقاعدهم الدراسية، ولا أخفي عليك الحقيقة، فإننا لن نكتفي بإرجاع المتسربين وإنما ندرس الأسباب التي دعتهم لترك الدراسة.”
وأضافت: “الحملة ستستغرق (45) يوماً، تقوم الفرق الميدانية خلالها بتسلم المعلومات وإخضاعها لنظام إلكتروني، وهذه الحملة تستهدف الأعمار من (6 – 36) سنة، وكل متسرب يرجع إلى المدرسة بحسب العمر المحدد. وحتى ساعة إعداد هذا الموضوع، فإن الفرق الجوالة تواصل جولاتها الميدانية لإحصاء وعودة المتسربين إلى المدارس، وجميعهم متفرغون لهذا العمل الكبير الذي سيحد من التسرب.”
جميع المحافظات
شرعت وزارة التربية، لجنة مشروع العودة إلى التعليم، بحسب بيان المكتب الإعلامي للوزارة، بإعمام برنامج العودة إلى المدرسة في جميع محافظات العراق، بعد أن لاقت نجاحاً ملحوظاً في محافظتي ميسان ونينوى (عند تجريب المشروع).
أضاف البيان أن “مخرجات اللقاء كان من أبرزها البدء بتدريب قادة الفرق الجوالة وبواقع (1500) متدرب، حسب الحاجة الفعلية للعمل وتحديد المتسربين من المدارس، واستخدام استمارات خاصة لإحصاء الأعداد والوقوف على أسباب التسرب.”، مؤكداً على “دور المرشد التربوي ورفع التوصيات والملاحظات المهمة لتقييم الإدارات القائمة وتوطيد التواصل مع أولياء أمور التلاميذ للحد من ظاهرة التسرب.”