البصرة / صبا سامي/
تلاشت -للأسف- معالم متحف التأريخ الطبيعي الفنية وانتهت خصوصيته الحضارية والعلمية نتيجة الخراب والدمار اللذين تعرض لهما في أحداث العام 1991، علماً بأنه يقع مباشرة أمام جسر الشهيد كنعان، أو بالأحرى في الجهة المقابلة لقضاء شط العرب،
لم تتبق من المتحف الآن سوى هياكل محترقة تنتظر أن يصلها النور من قبل الجهات المختصة لتستعيد مجدها الحضاري والعلمي وتكون حاضنة للثقافة والحضارة ومقراً لزيارات السائحين.
يبين خبير ومفتش الآثار (قحطان عبد علي) لمجلة “الشبكة العراقية” أن “متحف التاريخ الطبيعي الذي يقع مقابل قضاء شط العرب قد جرى تدميره، علماً بأنه يعود الى جامعة البصرة، وقد طالبنا كثيراً بإعادة ترميمه لكن دون جدوى.”
يوضح عبد علي: “قبل عدة سنوات جاء (السير تيرنز كلارك) الذي كان يشغل منصب السفير البريطاني عام 1968 عندما كان المبنى وقتها مقراً للقنصلية البريطانية وتبرع بإعادة ترميمه، لأنه كان يؤلف كتاب ذكريات كاملاً عن هذا المكان، ولديه صور متنوعة ومهمة عن المتحف، لكن للأسف الشديد لم تكن هناك أية استجابة من الجامعة. وبعد أن كان المبنى مقراً للقنصلية البريطانية أصبح متحفاً للحيوانات المحنطة والأشياء الطبيعية، ونتيجة للقصف والحرق اللذين تعرض لهما في فترة التسعينيات، فقد دمر ونهبت مقتنياته، ومن ثم اتخذته العائلات الفقيرة سكناً لها.”
تبرعات لإعادة بنائه
وأضاف: “في العام 2011 عندما كنت في بريطانيا قمت بإحضار السير تيرنز كلارك الذي طلب مني الحضور الى المتحف المتلاشي المذكور آنفاً، وقد تبرع وقتها بترميمه، حين كان الدكتور المرحوم خلف الربيعي مديراً للمتحف، لكن للأسف لم تكن هناك أية استجابة أو موافقة، حتى من قبل رئيس الجامعة الدكتور صالح الكرناوي. ومع ذلك فقد حاولت مديرية الآثار أن تعيد ترميمه وأرسلت الكتب اللازمة، وأشارت الى المتجاوزين ورفعت دعاوى قضائية، لكنها أيضاً لم تلق وقتها رداً معقولاً، على الرغم من أننا استطعنا أن نخلي مبنى المتحف ليكون مؤهلاً للترميم، لكن دون جدوى.”
بيت الوكيل
واشار عبد علي الى أن “المبنى كان في الأصل بيتاً لعائلة الوكيل، فالمعروف عنه أنه كان يسمى ( بيت الوكيل) أي قبل أن يصبح مقراً للقنصلية البريطانية، حين كانت عائلة الوكيل هي العائلة الوحيدة المسؤولة عن صيانة السفن، وكانت لديهم وقتها (مسفنة) في (الداكير)، وكان الكثير من مواطني دولة الكويت والخليج وقتها يأتون ليصنعوا سفنهم في تلك المسفنة في منطقة الداكير، ومن ثم قامت السفارة البريطانية بشراء المنزل من عائلة الوكيل ليكون مقراً للقنصلية، وذلك في العام 1968، وكان السير تيرنز كلارك هو القنصل البريطاني في هذا المبنى، ومن ثم أصبح المبنى متحفاً للتاريخ الطبيعي التابع لجامعة البصرة. وللأسف فإنه مهمل حالياً برغم موقعه المهم بالقرب من قضاء شط العرب، ما يجعله محطة للسائحين والزائرين نتيجة لأهميته الحضارية والفنية. وبما أنه تابع حالياً لجامعة البصرة، وليس لنا، لذا لا يمكننا أن نضع خطة ترميمه ضمن خططنا الحالية مع اليونسكو لإعادة التأهيل والترميم وصيانة الآثار.”
متحف جديد
يضيف قحطان أن “رئاسة الجامعة اقتنعت أخيراً بإقامة متحف جديد ليكون متحفاً للتاريخ الطبيعي، أي نقله الى داخل مقر القصور، لكنه متحف صغير لا يمثل حضارة البصرة إذا ما قورن بالمتحف القديم.”
مدير آثار وتراث البصرة (مصطفى جاسم محمد) تحدث لمجلة “الشبكة العراقية” قائلاً:
“حسب القانون العراقي الذي ينص على أن المبنى إذا تعدى 100 عام يدخل ضمن قانون التراث، أي أنه يصبح من تراث المدينة بغض النظر عن موجوداته ومقتنياته، لذلك يمكن أن يعتبر المبنى القديم لمتحف التاريخ الطبيعي من تراث المدينة.”
أما المواطن (باسم الربيعي) الذي يمتهن الصيد فحدثنا قائلاً:
“أمتهن صيد الأسماك في مياه شط العرب منذ ست سنوات، والحمد لله هناك رزق جيد، وبين فترة وأخرى أرى هناك العديد من السائحين يأتون الى هذا المبنى المهدم، وللأسف هو مكان أثري لمتحف التاريخ الطبيعي، وبرغم تلاشي معالمه، إلا أن السائحين يقومون بجولات ترفيهية في قضاء شط العرب، وغالبيتهم من محافظات أخرى، أحياناً يتجهون نحو تمثال السياب، ومن ثم الى مبنى المتحف، يلتقطون صوراً للمبنى رغم انهيار أجزائه، لأنه -كما نعلم- – أصبح مكاناً أثرياً في محافظة البصرة، برغم وجود العائلات المتجاوزة الكثيرة التي تمكث فيه، نتمنى على الجهات المختصة أن تراعي موضوع إعادة تأهيله ليكون معلماً حضارياً وأثرياً يقصده الزائرون والسائحون ومن مختلف المحافظات والدول، الذين يأتون بزيارات وسفرات ترفيهية الى محافظة البصرة.”