إعداد وترجمة: آلاء فائق /
في بعض الأحيان يبدو لنا الأمر وكأننا في منأىً عن التغير المناخي، ثم فجأة نجد أنفسنا عرضة لموجات من الحر الشديد والجفاف والفيضانات والحرائق. وقد حطم صيف 2022 الكثير من الأرقام القياسية لكوارث طبيعية حصلت في جميع أنحاء العالم، من بينها تأثيرات التغير المناخي في وقوع كوارث طبيعية عنيفة، كتأثيرها نظرياً على وقوع الزلازل.
المتغير الحقيقي الوحيد في الزلازل هو مقدار الضغط الواقع على خط الصدع، إذ يسبب تغير المناخ في زيادة ضغط المياه السطحية على الصدع، هذا ما أفاد به العديد من علماء الجيولوجيا، وكذلك عالم الجيوفيزياء في وكالة ناسا الفضائية (بول لوندغرين.)
فسواء لعنت أو أحببت الصيف الحار في أوروبا والمملكة المتحدة البريطانية، فلا داعي للابتعاد عن التغييرات في بيئتنا. فالتغير المناخي والطقس القاسي أمسيا يؤثران علينا جميعاً، ويتطوران بشكل غير متساو في جميع أنحاء العالم. مع ذلك، غالباً ما يجري الإبلاغ عن الكوارث المناخية بمعزل عن غيرها، إذ نسمع عن وقوع المزيد من الكوارث، الواحدة تلو الأخرى في نشرات الأخبار، التي يؤدي وقوعها إلى خسارة الأرواح ودمار الأماكن، ويطلق المزيد من النداءات العاجلة للمساعدة. يبدو أن الأمر يزداد سوءاً، لكن نادراً ما تمنحنا التقارير الإخبارية الوقت لفهم حجم ما يحدث.
إذا تركك الصيف الماضي تترنح من شدة الحر، فإن قراءتك لهذه المقالة قد تشيطك غضباً، فنحن نتعمق في الأحداث البيئية الصيفية لننظر في كيفية تطور أزمة المناخ، وستكون القراءة قاتمة في بعض الأحيان، لكن عليك التحمل عزيزي القارئ، لأن الأمر أصبح واقع حال، لكن ثمة وقت قصير لفعل شيء ما لوقف أسوأ التأثيرات علينا.
إليك شرحاً لأسوأ الكوارث الطبيعة التي لحقت بأجزاء من العالم مؤخراً:-
فيضانات باكستان المدمرة
دمرت فيضانات باكستان الشديدة ملايين المنازل بعد ثمانية أسابيع من هطول أمطار متواصلة بلا توقف، فقد دمرت الفيضانات العارمة العديد من مناطق باكستان. أكثر من ألف شخص لقوا حتوفهم، والملايين فقدوا منازلهم. الفيضانات المفاجئة وانهيار ضفاف الأنهار المدمر كانا سببين في ارتفاع عديد القتلى، كما تسببت الرياح والأمطار الموسمية في كارثة بشرية هائلة.
باكستان كانت دائماً عرضة لتغير مناخي، فموقعها يمكن أن يتعرض لموجات حر وجفاف وأمطار غزيرة، كما تعد باكستان أيضاً موطناً لمعظم الأنهار الجليدية (الصفائح الجليدية الضخمة) في العالم خارج القطب الشمالي والقطب الجنوبي، التي يمكن أن تذوب مع ارتفاع درجة حرارة العالم. وعلى الرغم من هطول الأمطار الموسمية في باكستان، إلا أن كمية الأمطار في العام 2022 كانت أعلى من المتوسط، ما أدى إلى انهيار ضفاف الأنهار وتفاقم الفيضانات.
إذن، هل أن التغير المناخي هو المسؤول عن (الرياح الموسمية المدمرة)؟ يقول العلماء إن من المحتمل أن تكون للتغير يد بذلك. وتشير دراسة سريعة إلى أن هطول الأمطار ربما كان أكثر كثافة بسبب الاحتباس الحراري، وإن الرياح الموسمية تكون هي الغالبة على رياح السموم المنشطة. يعكس هذا تحليل (الفيضان الفائق) في باكستان عام 2010 الذي “زاد من احتمال حدوثه الاحتباس الحراري، الذي أدى إلى هطول أمطار غزيرة.”
حرارة قياسية ومزيد من حرائق الغابات في المملكة المتحدة
شهدت المملكة المتحدة موجتين حراريتين في صيف 2022، مع أعلى درجة حرارة حتى الآن، التي سجلت رقماً قياسياً جديداً بلغ 40.3 درجة مئوية. بالنسبة لبعضهم، قد يشعرون وكأنها عطلة مشمسة من المطر الرمادي الذي تشتهر به بريطانيا. لكن بالنسبة لآخرين، كانت مستويات الحرارة الشديدة صعبة في أحسن الأحوال ومهددة للحياة في أسوأ الأحوال.
بالإضافة إلى الحرارة الشديدة، شهدت المملكة المتحدة 745 حريقاً حتى الآن – أكثر من حرائق الغابات في العام 2021 بالكامل. قد لا تكون حرائق الغابات في المملكة المتحدة شديدة مثل أماكن كأستراليا أو أمريكا الشمالية، لكنها لا تزال صعبة على رجال الإطفاء.
ما مقدار تأثير موجات الحر في المملكة المتحدة على تغير المناخ؟
وجد التحليل الأخير أن “التغير المناخي جعل احتمالية حدوث الموجة الحارة 10 مرات على الأقل و 4 درجات مئوية أكثر سخونة – وهذا تقدير متحفظ نوعاً ما.”
الحرارة الشديدة لا تحدث فقط في المملكة المتحدة، ففي وقت سابق من العام 2022، عانت الهند وباكستان من درجات حرارة شديدة حطمت الرقم القياسي. يقول العلماء إن احتمال حدوث ذلك كان 30 مرة بفضل تغير المناخ، لذا أصبحت موجة الحر لعام 2010 أكثر احتمالاً 100 مرة بسبب أزمة المناخ. وبالمثل، وجد العلماء أن الحرارة الشديدة في كندا والولايات المتحدة في العام 2021 كانت أيضاً (مستحيلة عملياً) بدون تغير المناخ.
الجفاف يتسبب بنقص الغذاء والماء في جميع أنحاء العالم
تواجه أوروبا أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام، ما يعني مرورها بشتاء وربيع شديدي الجفاف، مع حرارة قياسية مدمرة صيفاً، والسبب هو عدم وجود ما يكفي من الأمطار. ومع قلة هطول الأمطار تجف الأنهار وتتشقق التربة، ما يتسبب في هلاك الأسماك وقلة المحاصيل الزراعية. كذلك كشف الجفاف عن حجارة (الجوع)، وهي نوع من المعالم الهيدرولوجية الشائعة في أوروبا الوسطى، وتحديداً في ألمانيا، وفي المستوطنات العرقية الألمانية التي أقيمت في أوروبا ما بين القرنين 15-19، وتمثل نصباً تذكارية تنبئ بالقحط والمجاعة، إذ تظهر هذه الأحجار عند انخفاض مستوى الأنهار إثر الجفاف.
ليا داس / عن موقع / كرين بيس